• ×

10:51 صباحًا , الجمعة 20 جمادي الأول 1446 / 22 نوفمبر 2024

ليش بس مخفر الشامية سبع نجوم؟

زيادة حجم الخط مسح إنقاص حجم الخط
بدر بن دهام  لم أصدق عندما نقل إليَّ أحد الأصدقاء ما رأته عيناه في مخفر شرطة الشامية، ولم أتخيل أن يتحول مدخل مخفر للشرطة في الكويت إلى «أرتب» وأجمل من أي فندق خمس نجوم. في أي مخفر للشرطة في أي بلد حتى في أرقى دول العالم ينظر إلى أغلب الداخلين إليه على أنهم إما متهمون أو أصحاب مشكلات. وهي نظرة واقعية إلى أبعد الحدود، فمن ذا الذي يقصد الاستمتاع أو الاستجمام والراحة في مخفر مليء بالشرطة والضباط والمحققين والمتهمين ولا يحتوي إلا على نظاره أو سجن وكلبشات وتراكم ملفات الشكاوى، هذا عدا السيارات السكراب المتراكمة على جنبات المخفر بسبب الحوادث المرورية؟ ومن ذا الذي يدخل مخفر للشرطة من دون أن تكون لديه شكوى أو مشكلة؟عندما ندخل في أي مخفر للشرطة في الكويت، لن نستغرب إذا ما قفزت إلى أنظارنا مناظر مقززة للنفس، مثل وجود «مطارة» الشاي والقهوة على الكاونتر وبقع كثيرة لقطرات القهوة التي أمطرت أرضية المخفر من دون أن يقوم أحد بتنظيفها. ولا نستغرب من صياح أحد العساكر وهو ينادي عامل التنظيف: شركة شركة تعال صور ورقة، وهو يستند بكتفه على الحائط حيث يشارك ثلاثة عساكر من رفاقه في زاوية بالقرب من الكاونتر، وهم يتحدثون بصوت عال في مواضيع لا علاقة لها بعملهم اليومي. ولا نستغرب من أن نسمع حديث أحد ضحايا الحوادث المرورية وهو يشكو الحال لأحد الضباط المتواجدين صدفة بالممر، فيقول الضابط للشاكي: إنطر المحقق لما يرجع من معاينة حادث آخر. وترى في الممر أناساً ينتظرون قدوم المحقق، وفي نهاية هذا الممر الطويل نظارة شبه مظلمة فيها إثنان ممسكان بالقضبان الحديد، لا تدري من أي بلد هما، وكيف رمى بهم القدر في هذا المكان الأغبر. مخفر شرطة الشامية بالفعل غير في كل زاوية من زوايا بهو هذا المخفر تجد إصيصا لنبتات داخلية جميلة يظهر أن عامل التنظيف قد انتهى لتوه من لمساته التنظيفيه عليها. الإضاءة المنبعثة من «السبوتلايتس» والمنعكسة على الرخام اللامع مع الألوان الفاتحة في كل أرجاء البهو والممرات المؤدية إلى مختلف مرافق المخفر وأقسامه أضفت شيئا من الراحة النفسية على المكان، حتى ظهر وكأنه مدخل لمستشفى افتتح للتو، أو بهو فندق سبع نجوم. في الركن الأيسر من البهو خصص لحوض كبير لسمك الزينة، وبالقرب من هذا الحوض الجميل طاولة كبيرة مفروشة بالورود، وعليها طبق مليء بالحلويات ومطارة شاي كبيرة، وعلقت يافطة على «المفرش» كتب عليها: خاص لمراجعي المخفر .. مخفر الشامية. أين بالإمكان أن نجد أكثر من هذا الاستقبال الرائع؟ هذه الراحة النفسية والرفاهية الاجتماعية لن نجدها ولا في مراكز شرطة السويد أو الدنمارك أو فنلندا، بل إنني وأمام هذا «المساج الاجتماعي»، أعتقد أن أي متهم سوف لن يتردد بالاعتراف بكل جرائمه بكل سهولة ويسر. تقدمت من الكاونتر وقبل أن أطلب رؤية رئيس المخفر قلت للشرطة المتواجدين خلفه: أهنيكم على هذا الإنجاز، فعلا أثبتم إنكم في خدمة الشعب .. ألف مبروك على توفير مثل هذه الأجواء المريحة للنظر وللنفس في مكان من إسمه فقط «كمخفر» كنا من قبل لا يمكن أن نشعر بأنه مريح للنفس. دخلت على ضابط المخفر المقدم فيصل الخالدي، ولم أكن أعرفه من قبل، لمجرد أن أهنأه على هذا الإنجاز الذي اعتبرته خارقا في هذا الزمن الذي تسيدت فيه مبادىء الأنانية وآه يا نفسي وأنا ومن بعدي الطوفان، وغيرها من قائمة حب الذات، من دون أن يعرفوا أنهم وبهذه المبادىء يدوسون ببطن الوطن. هنأته على اهتمامه بمقر عمله اليومي الذي يقضي فيه ساعات طوال، هي غالبا ما تكون أكثر من الساعات التي يقضيها بين أحبته في بيته. هنأته لأنه استطاع بجهوده البسيطة أن يحول هذا المكان الذي يراه الكثيرون أنه ليس أكثر من تجمع لأصحاب المشكلات والمتهمين ومن نظاره وكلبشات وتحقيق ومن مكان مرعب، إلى فندق سبع نجوم مريح للنفس قبل النظر، ويشعرك بالحرية أكثر من الشارع الفسيح المقابل لهذا المخفر. أحد الحضور قال لي: روح شوف مخفر العيون واش سوا فيه المقدم بوعبدالله، فقلت له: ولماذا لا تكون كل مخافرنا بهذا الشكل الجميل الممتع للناظرين؟. **** ملاحظة مهمة: مازلت منتظرا الردود من الجهات الرسمية على طلبي، فأنا أنوي إعداد كتاب وثائقي حول سيرة كل الشخصيات التاريخية الكويتية التي أطلقت أسماؤها على الشوارع والمنشآت. ولكي لا نغفل أي من هذه الشخصيات، أتمنى من القراء ومن مؤسسات الدولة وخاصة بلدية الكويت ووزارتي التربية والإعلام، أن تزودني بأي معلومة تتعلق بهذا الموضوع، وإرسالها على بريدي الألكتروني المذكور مع المقالة. إعلامي كويتي yousufzinkawi@hotmail.com

بواسطة : admin
 0  0  2006
التعليقات ( 0 )