• ×

04:24 مساءً , الخميس 19 جمادي الأول 1446 / 21 نوفمبر 2024

فهد بن سعدون الخالدي

بلدية النعيرية .. شكراً فهد الخالدي

فهد بن سعدون الخالدي

 0  0  2842
زيادة حجم الخط مسح إنقاص حجم الخط
بلدية النعيرية .. شكراً
فهد الخالدي
لا أدري إذا كانت التجربة التي سأتحدث عنها تحدث للمرة الأولى في المنطقة على الأقل، لكنني لم أسمع أو أشهد مثلها من قبل في المملكة، مع أن هناك تجارب مماثلة في أكثر من بلد عربي وأجنبي منها - على سبيل المثال - تجربة الأردن الشقيق في التعامل مع عمال النظافة وتغيير المسمى إلى "عامل وطن"، وتغيير الزي المعتاد لهم إلى زي بلون أكثر راحة للنفس، وارتداء أمين العاصمة زي عامل الوطن، وظهور ذلك على الملأ وفي الصحافة والتلفزيون.

التجربة هذه المرة كانت من المملكة ومن بلدية النعيرية إحدى المدن الطموحة التي انتقلت من قرية نائية تكاد تنعدم فيها الخدمات والتنظيم، بل والعمران، إلى مدينة مترامية الأطراف، تنتشر فيها الحدائق والأبنية والخدمات، وتزداد فيها الكثافة البشرية يومًا بعد يوم.

على أية حال فإن الحديث عن النمو الحضاري الذي تشهده النعيرية يستحق أن تفرد له مقالة خاصة، لكن الحديث اليوم عن اليوم المفتوح الذي أقامته بلدية محافظة النعيرية قبل مدة في متنزه الأمير محمد بن فهد، الذي خصصته للعاملين في أقسام النظافة والزراعة والمهن البسيطة الأخرى في البلدية وعددهم ( 240 ) عاملاً جميعهم من الوافدين الآسيويين تقديراً لدورهم في خدمة المدينة ومواطنيها، وفي المحافظة على نظافتها، والعناية بالمساحات الزراعية والمسطحات الخضراء، التي تزين أحياء المدينة وشوارعها وتبعث على الراحة في نفوس المواطنين والزائرين.

إن فعاليات هذا اليوم المفتوح على بساطتها سواء المسابقات الرياضية بين فرق تمثل الجنسيات التي ينتمي إليها العمال أو الهدايا التي قدمت لهم، وكذلك المشاعر التي تولدت لديهم، التي جعلتهم يحسون بتقدير المجتمع للخدمات التي يقدمونها ما سيحفزهم - بالتأكيد - على مزيد من الجهد والعمل، إضافةً إلى إحساسهم بالاحترام والمساواة من قبل إخوانهم المواطنين.

فالمسلم منهم يحسّ بعظمة الإسلام وإخوة المؤمنين، وغير المسلم يحسّ بتسامح هذا الدين وإنسانيته وأخلاق هذا المجتمع المسلم.

وبالتأكيد فإن كافة هؤلاء العمال لم تتح لهم يوماً الفرصة للاحتكاك بالمجتمع الذي حولهم مثلما أتيحت في اليوم المفتوح، حيث إنهم ربما لأول مرة يتعاملون خارج نطاق عملهم المحدود جداً، الذي ربما لا يترتب عليه أي تواصل اجتماعي أو إنساني اللهم إلا إذا كان عابراً بما يعمقه ذلك في نفوسهم من مشاعر العزلة، ولا يتيح المجال لإظهار المشاعر الإنسانية والدينية والأخلاق النبيلة لمجتمعنا، الذي يشفق على الضعيف، ويحترم الغريب وعابر السبيل، ويعلم فيه المسلم ألا فضل لعربي على عجمي إلا بالتقوى، وعلينا أن نتخيل كيف ينقل هؤلاء العمال صورة هذا اليوم إلى أهاليهم عندما يعودون إلى أوطانهم؟ وما الذي سيفهمه كل من يعرف عن هذا التصرف الإنساني النبيل؟ وإذا كان كل من ساهم سواء الذي قدم الفكرة أو الذي دعمها بالقرار، وكل من ساهم في التنظيم والإعداد والرعاية والتمويل، وكل فريق العمل بدءاً برئيس بلدية النعيرية الذي حضر الحفل شخصيًا، وزملائه المسؤولين والعاملين في البلدية، الذين رعوا الحفل من المسؤولين والمواطنين؛ كل هؤلاء يستحقون الشكر والتقدير والإعجاب بهذه الفكرة الرائدة، التي تستحق ألا تظل اجتهاداً شخصيًا لبلدية من بلديات المنطقة الشرقية، بل لماذا لا تكون عادة بل واجبًا تؤديه البلديات والأمانات تجاه العمال في أكثر من مناسبة سواء المناسبات الدينية والوطنية في المملكة أو للبلدان التي ينتمي إليها هؤلاء العمال؟

الإيجابيات التي تترتب على مثل هذه المبادرات ربما تكون من الأمور التي نتفق عليها جميعًا، وفي مقدمتها صد الافتراءات التي توجه من أكثر من مصدر من الحاقدين والحاسدين، عن تعامل مجتمعنا ومؤسساتنا مع العمالة الوافدة، وإظهار الصورة الحقيقية لهذا التعامل الذي ينبغي أن نحرص جميعًا على أن يكون إنسانيًا وإسلاميًا يعبر عن سرائر أنفس شعبنا النقية ومبادئه الدينية والإنسانية وأخلاقه العربية الأصيلة، بلدية النعيرية ... شكراً.

التعليقات ( 0 )