• ×

03:38 مساءً , السبت 21 جمادي الأول 1446 / 23 نوفمبر 2024

فهد بن سعدون الخالدي

«السلامة المرورية» وضرورة التغيير..

فهد بن سعدون الخالدي

 0  0  2713
زيادة حجم الخط مسح إنقاص حجم الخط
الاهتمام بسلامة المواطنين وأمنهم وراحتهم كان وسيظل محل اهتمام قيادة هذا الوطن تؤكده في كل مناسبة، وهو ما أكد عليه سمو أمير الشرقية خلال افتتاح ملتقى ومعرض السلامة المرورية الثالث يوم الاثنين الماضي، والذي أقامته الجمعية السعودية للسلامة المرورية بالتعاون مع أرامكو السعودية وجامعة الدمام والإدارة العامة للمرور والرئاسة العامة لرعاية الشباب ولجنة السلامة المرورية تحت شعار «الشباب والسلامة المرورية». وقد أكدت كلمة سموه في هذه المناسبة على أهمية العناية بالشباب، باعتبارهم -كما قال سمو الأمير- عماد المستقبل وقادة العمل لإكمال مسيرة آبائهم وأجدادهم.

ولما كان سموه يشارك المواطنين أسفهم؛ لما تشهده شوارعنا من سلوكيات سلبية من قائدي السيارات والمركبات والشباب منهم على وجه الخصوص، فقد دعا سموه إلى تغيير السلوك المروري السلبي الذي يمكن وصفه في حالات كثيرة بالتهور واللا مبالاة؛ مما أدى إلى كثير من الحوادث المؤسفة، وإزهاق أرواح بريئة سواء من السائقين أو الركاب أو عابري الطريق.

وتأتي دعوة سموه أيضاً تنفيذاً لتوجهات خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين وسمو ولي ولي العهد. التي تحرص دائماً على حماية العنصر البشري من المخاطر، وفي مقدمتها: الحوادث المرورية، وهي التوجهات التي ظلت دائماً تنال أكبر العناية والمتابعة من سموه والمسؤولين في المنطقة التي شهدت خطوات عملية رائدة؛ لوضعها موضع التنفيذ بدءاً بالتوعية المستمرة وتوظيف المناسبات والفعاليات لهذه الغاية، إضافةً إلى تأسيس لجنة السلامة المرورية في المنطقة، وتبني إستراتيجية طموحة تشمل إطلاق مسار هندسي تخصصي في كلية الهندسة في جامعة الدمام لنيل درجة البكالوريوس في هندسة المرور والنقل، وجائزة المنطقة الشرقية للسائق المثالي، وكرسي أرامكو السعودية لأبحاث السلامة المرورية.

وتأتي جميع هذه الجهود سعياً لمواجهة التحديات والتقليل من الخسائر البشرية والمادية، التي تنجم عن الحوادث المرورية في المملكة عامة وفي المنطقة الشرقية على وجه الخصوص، حيث أظهرت دراسة أجرتها عمادة خدمة المجتمع والتنمية المستدامة بجامعة الدمام، أن الخسائر المادية في المملكة الناجمة عن الحوادث المرورية تبلغ سنوياً 50 مليار ريال، فيما تأتي وفيات الحوادث المرورية في المرتبة الثانية بين الأسباب المؤدية للوفاة، علاوةً على أن هذه الوفيات هي في تزايد مستمر؛ لارتباطها بزيادة حركة السيارات والمسافرين والشاحنات على الطرق، وهي حركة أيضاً في تزايد مستمر لتلبية متطلبات مشاريع التنمية والخدمات والبنى التحتية التي تشهدها المملكة، علاوةً على الإصابات والعاهات الدائمة التي يتعرض لها الكثيرون من ضحايا الحوادث المرورية.

لعل نظرة سريعة لإحصائيات خسائر الحوادث المرورية المادية والبشرية وعدد هذه الحوادث، توضح أهمية مثل هذا الملتقى، وضرورة مضاعفة الجهود الهادفة للحد من هذه الخسائر، سواء كانت توعوية أو نظامية أو غيرها، حيث تشير هذه الإحصائيات إلى أن عدد الذين قتلوا في هذه الحوادث خلال السنوات العشر الماضية حوالي أربعين ألفاً في أكثر من مليون حادث، فيما بلغ عدد الوفيات خلال عام واحد 7000 شخص بمعدل عشرين شخصاً يومياً على وجه التقريب، فيما بلغ عدد المصابين حوالي عشرين ألف مصاب غالبيتهم من الشباب في عام 2012م. أما عدد الحوادث في نفس العام فقد كانت بمعدل (67) حادثاً يومياً بارتفاع بلغ 22% عن العام الذي سبقه؛ فلو افترضنا أن هذا العدد يرتفع بنفس النسبة سوف نرى كم سيبلغ خلال العام القادم أو خلال أعوام قليلة -لا سمح الله-، إضافةً إلى ما أشارت إليه بعض تقارير وزارة الصحة إلى أن نسبة إشغال ضحايا الحوادث المرورية من المصابين لأسرة المستشفيات تزيد على 25% من عدد هذه الأسرة.

إن هذه الإحصائيات واحتمال تزايدها في المستقبل نتيجة لزيادة الحاجة لحركة المسافرين والنقل على الطرق تلح على بذل مزيد من الجهود؛ لمواجهتها، ولا شك أن هذا الملتقى هو محاولة جادة في طريق البحث عن حلول علمية وعملية واقعية لهذه المشكلة التي تؤرق المسؤولين والمواطنين، وتقض مضاجع الآباء والأمهات الذين يرون أبناءهم عرضة لمثل هذه الحوادث التي يكونون ضحايا لها تارة ومتسببين بها تارة أخرى، وفي كلتا الحالتين فإن الوطن هو الخاسر والأسر والوالدين هم المحزونون والمكلومون، خاصةً وأن اللجنة المنظمة حرصت على استكتاب خبرات علمية عالمية من (13) بلداً في مقدمتها الولايات المتحدة الأمريكية، وتركزت أبحاثه وفعالياته على محاور ذات صلة بالشباب الذين يشكلون غالبية الضحايا وهو ما يبرر عقد هذا الملتقى وتخصيصه لما يخص الشباب بهذه المشكلة، وهو جهد مشكور نتطلع ألا يتوقف عند نهاية الملتقى.. وصولاً إلى الحد من هذه المعضلة وآثارها.

التعليقات ( 0 )