قرار مجلس الوزراء بالموافقة على تنظيم هيئة توليد الوظائف ومكافحة البطالة الذي يتم بموجبه تأسيس هيئة عامة مهمتها توليد الوظائف ومكافحة البطالة في المملكة بحيث تكون هذه الهيئة مرتبطة بسمو رئيس مجلس الشئون الاقتصادية والتنمية.. هذا القرار ضمن مساعي الدولة لمكافحة البطالة من جهة وتوطين الوظائف وسعودة سوق العمل من جهة أخرى، وهو سيعزز - بلا شك - الجهود المبذولة في هذه المجالات التي أصبحت ملموسة وواضحة في سوق العمل بشقيه العام والخاص، وهي في القطاع العام أكثر وضوحاً من حيث إحلال عشرات الآلاف من السعوديين في الوظائف الحكومية خلال السنوات الماضية خاصةً في قطاعي التعليم والصحة، أما في القطاع الخاص فهي أيضاً تحقق نتائج طيبة، حيث أشارت إحصائيات عن ثمار هذه الجهود العام الماضي إلى أن نسبة التوطين في الفرص الوظيفية في القطاع الخاص سجلت نمواً بلغ 9% تقريباً بنهاية الربع الثالث من العام الجاري بما يوازي ( 1.681.615 ) سعودياً، مقارنةً بعدد ( 1.549.975 ) العام الماضي وذلك يشمل الشباب والفتيات، وهي بين الفتيات أعلى من ذلك حيث ناهزت 11.6% فيما بلغت بين الشباب 7.5% كما نقل على لسان وزير العمل في الصحف المحلية، حيث دخل سوق العمل خلال الفترة المنصرمة من العام الحالي ( 84 ) ألف شاب و( 48 ) ألف فتاة، وبذلك يصبح عدد الفتيات الملحقات بسوق العمل في القطاع الخاص ( 461 ) ألف فتاة تقريباً مقارنةً بعدد العاملات في القطاع الخاص خلال العام الماضي 1435 هـ الذي بلغ ( 413.073 ) فتاة، ولم يكن ذلك - بعد توفيق الله - إلا بتنفيذ إستراتيجية التوظيف السعودية التي نتج عنها العديد من الإجراءات والمبادرات الموجهة لصالح توظيف السعوديين ومعالجة ظروف العمل التي قد تكون سبباً في الحد من التحاق المواطنين بهذا السوق، خاصةً أن هذه الإستراتيجية تتضمن إحلال المواطنين السعوديين المؤهلين والمدربين في الفرص المتاحة بالقطاع الخاص بالتنسيق مع الجهات التي تختص بالتدريب والتأهيل من جهة، وكذلك سعي الجهات الحكومية وفي مقدمتها وزارة العمل إلى توفير أسباب استقرار العمالة الوطنية في القطاع الخاص ومنشآته، وكذلك تحفيز منشآت القطاع الخاص على توظيف السعوديين من برنامج ( نطاقات )، وكذلك اشتراط تسجيل العاملين في هذا القطاع بالمؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية لاحتسابهم في نسبة السعودة في المنشأة، وبذلك يحس الموظف السعودي بالأمان الوظيفي نتيجة حصوله على الحق في الضمان الاجتماعي، إضافةً إلى أن ذلك يضمن حقوق العامل في التعويض في حالات إصابة العمل، ويمنع حالات التوظيف الوهمي التي قد يلجأ إليها ضعاف النفوس لرفع نسبة التوطين في المؤسسة شكلياً للتحايل على برنامج ( نطاقات )، وكذلك برنامج حماية الأجور ومشكلة تأخر صرف الرواتب وتوفير الظروف الملائمة للمرأة العاملة في المنشأة.
ولا شك في أن سعي العديد من الجهات ذات العلاقة بالتدريب والتوظيف لتحقيق أهداف التوطين من الأسباب الرئيسة لنجاحها حالياً ومستقبلاً ومنها وزارة العمل والمؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية والمؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني وصندوق تنمية الموارد البشرية والغرف التجارية في المناطق والمحافظات، ما يستدعي الاستمرار في العمل بروح الفريق والبحث عن أسباب جديدة للتعاون مستقبلاً ليس لاستمرار هذه الجهود فقط، بل وزيادتها وتحسين آلياتها وتعظيم نتائجها، لا سيما أن هذه الجهات جميعاً تمتلك العديد من الرؤى المشتركة في مقدمتها قدرة المواطنين وكفاءتهم وجدوى إحلالهم في سوق العمل وما يعود به ذلك على الوطن من فوائد اقتصادية واجتماعية وأمنية؛ إضافةً إلى الحاجات الحالية والمتوقعة لسوق العمل السعودي في القطاع الخاص على وجه التحديد الذي يشهد دائماً انطلاق المزيد من المشروعات في كافة المجالات ما يولد فرصاً جديدة ينبغي الحرص على أن يكون أكثرها للمواطنين، لا سيما أن معظم برامج التأهيل والتدريب في المؤسسات المختصة يتم إعدادها بما يضمن ملاءمتها لاحتياجات سوق العمل للكوادر المؤهلة والمدربة بما يتناسب مع الفرص المتجددة لهذا السوق.
وإذا كان من الطبيعي أن تقتضي المرحلة الماضية الاستعانة بالخبرات العربية والأجنبية، وأن يستمر الاحتياج لهذه الخبرات في الوقت الحالي، بل ومستقبلاً أيضاً، فمازالت دول متقدمة مثل أمريكا وألمانيا وفرنسا وغيرها من الدول بحاجة إلى مثل هذه العمالة، لكن من الطبيعي أيضاً أن يقتصر ذلك على الوظائف التي لا يمكن للمواطنين أن يشغلوها لأسباب قد تكون فنية حيناً أو اجتماعية حيناً آخر أو حتى اقتصادية أيضاً، وأن يتم إحلالهم فيها بشكل تدريجي وصولاً إلى أعلى نسبة ممكنة من التوطين، وإن لم يكن التوطين الكامل لسوق العمل.