فهد الخالدي
كل متابع للشأن اليمني وتسارع الأحداث التي شهدها اليمن الشقيق مؤخراً، والتي تمثلت في اتساع التمرد الحوثي، وتواطؤ المخلوع علي عبدالله صالح مع هذا التمرد، وتواطؤهما مع قوى خارجية اتخذت من هذه القوى اليمنية -الانتهازية- ذريعة؛ لتحقيق أطماعها ضمن سعيها للهيمنة على المنطقة وشعوبها، حتى وصلت إلى حد التبجح بنفوذها وسيطرتها في العديد من دول المنطقة، ومنها: اليمن الشقيق، الذي يشكل أمنه جزءاً لا يتجزأ من أمن دول الخليج العربية كافة وأمن المملكة بشكل خاص؛ لأسباب عديدة يدركها كل من يعرف المنطقة وطبيعتها الجغرافية والاجتماعية، بما في ذلك تحكم من يسيطر عليها بممرات إستراتيجية في الخليج وبحر العرب والبحر الأحمر، لها أهمية عالمية ويشكل وقوعها بأيدي قوى خارجية أو محلية تابعة لهذه القوى خطراً ليس على المملكة ودول الخليج فحسب، بل على دول أخرى مهمة منها: مصر، والأردن، والسودان، بل على دول العالم أجمع. كل من يعرف هذه الحقائق كان لا بد أن يتوقع عاصفة الحزم السعودي، بعد أن استنفدت المملكة الصبر المعهود عن قيادتها في جميع الأحوال والظروف.
وإذا أخذنا في الاعتبار أيضاً الالتزام الأخلاقي للمملكة ودول الخليج بحماية الشعب اليمني ودعم الشرعية المتمثلة في الرئيس المنتخب، وخاصة بعد أن أغلقت قوى التمرد كل الطرق والمحاولات التي بذلها مجلس التعاون من خلال المبادرة الخليجية والمبعوث الدولي عبدالسلام بن عمر مع كافة الأطراف، ومن ضمنها ممثلو التمرد الحوثي، والتي كادت أن تضع اليمن على طريق السلام بما أعلنه المبعوث الدولي قبل أيام معدودة عن قرب انطلاق محادثات السلام في الدوحة؛ سعياً إلى اتفاق يتم التوقيع عليه في الرياض باعتبارها مقر مجلس التعاون وعاصمة القرار الخليجي، تعبيراً عن استقلالية قرار المنطقة وشعوبها، وباعتبارها أيضاً العاصمة التي كانت دائماً وستظل الأقرب لليمن الشقيق وشعبه والأحرص على مصالحه وأمنه، والتي يعرف اليمنيون قبل غيرهم مواقفها ودورها في كل المشاريع التنموية والعمرانية في اليمن، وخاصة في مجالات الطرق والتعليم والصحة وغيرها من مشاريع البنى التحتية الأساسية والضرورية لرفاهية الشعب اليمني الشقيق وتقدمه، في الوقت الذي تمتد فيه أيادي القوى الطامعة بوسائل القتل والتدمير لكل مكتسبات اليمن وأبنائه؛ لتحقيق أطماعها على أنقاض ما بناه اليمن الشقيق بمساعدة إخوانه في دول الخليج، التي يناصبها المتآمرون العداء تحقيقاً لإرادة القوى الطامعة في اليمن وغيره من دول الجوار.
وإذا كانت عاصفة الحزم السعودي والعربي والدولي، التي أعلن انطلاقها خادم الحرمين الشريفين، ليلة الخميس، قد جاءت بعد نفاد صبر المجتمع الدولي والعربي، وتنكر المتمردين لنداءات العقل التي أطلقتها المملكة ودول الخليج ومجلس الأمن، سعياً لحقن الدماء وتجنيب اليمن الشقيق ويلات الدمار والاقتتال، فإن مشاركة الدول العربية الفاعلة وفي مقدمتها مصر والأردن والجزائر والسودان إضافة إلى دول مجلس التعاون في عاصفة الحزم، والمشروعية التي أكدها بيان هيئة كبار العلماء لما اتخذته المملكة وحلفاؤها من الدول الشقيقة، وكذلك تأييد الدول الكبرى واعترافها بحق المملكة وحكمة قرارها، هو تأكيد لصواب موقف المملكة ودول الخليج.
كما أنه رسالة إلى المتمردين ومن هم وراءهم من القوى الطامعة أن دول المنطقة وشعوبها وأصدقاءها قادرون على حماية مصالحهم وأوطانهم من الأطماع والمؤامرات، وأن الخداع الذي يمارسونه لم يعد ينطلي على أحد، وأن قرارها الحازم سيعصف بكل المؤامرات والأطماع، ويسكت إلى الأبد ادعاءات الهيمنة والنفوذ في اليمن الشقيق وفي كل أرض ابتليت بمؤامراتهم وأطماعهم نصرة للمظلومين ورداً للعدوان والمعتدين، ولينصرن الله من ينصره.