طالعتنا إحدى صحفنا اليومية في عددها الصادر يوم الاثنين السادس عشر من شهر ذي القعدة الماضي بمقالة بعنوان "الاعتداء على المعلمين" بقلم الأخت فوزية مبارك، والذي تؤكد فيه أن الاعتداء على المعلمين هي (إحدى الظواهر التي باتت تشكل تزايداً ملحوظاً في السنوات الأخيرة)، وتؤكد أيضاً الأمر لم يعد مقتصراً على تعرض المعلمين الذكور للاعتداءات اللفظية والجسدية من قبل طلابهم، بل إن المعلمات أيضاً أصبحن يشكين من الاعتداءات التي يتعرضن لها من بعض الطالبات، وهي مع تعاطفها كما يبدو مع المعلمين والمعلمات الذين يتعرضون لاعتداء طلبتهم إلا أنها تدعو إلى عدم إهمال وضع الطالب المعتدي والطالبة المعتدية وإلى النظر إلى سلوك المعلم أو المعلمة، ومع أنها تقول إن هذا السلوك قد لا يكون خاطئاً كلياً إلا أن ما يفهم من قولها أن "المعلم والمعلمة قد يفتقدان الأساليب التربوية التي تجعل منهما معلماً أو معلمة يفرض احترامه بالتفاعل مع الطلاب" وتضيف أن سلوك المعلم المستفز والمليء بالغضب الذي قد يفرغه (أي المعلم) بسبب أوضاعه التي تؤثر على أدائه وتعامله مع الطلاب، ثم تحاول بإسهاب أن تحدد أسباب اعتداء الطلاب على المعلمين، ثم تدعو إلى فهم الحالات وتفاصيلها كل حالة على حدة، بحيث يكون هناك حلٌ منفرد لكل حالة لا يكون فيها الطالب ضحية ولا يكون المعلم ظالماً بسبب منصبه.
ومع أننا نختلف مع الأخت فوزية في اعتبار الاعتداء على المعلمين ظاهرة في بلادنا؛ لأن بعض الحالات الفردية التي تتكرر على فترات متباعدة لا يمكن اعتبارها ظاهرة -والحمد لله- مع اعترافنا بوجودها لم تصل الحد الذي يمكن اعتبارها فيه ظاهرة خاصةً في مدارس البنات التي نادراً ما تحدث فيها مثل هذه القضايا..
لا أقول ليست موجودة، بل أقول بثقة إنها نادرة جداً. لا شك أن الأخت الكاتبة تدعو إلى الانصاف في جميع الأحوال، وإلى البحث عن الأسباب لدرجة قد يظن بعض القراء أنها تحمل المعلم المعتدى عليه في كثير من الأحوال مسؤولية ما يحدث مع أننا كعاملين في الميدان نعرف أنه مع وجود حالات قليلة يكون فيها المعلم مخطئاً إلا أن ذلك لا يبرر تمادي بعض الطلاب وتجرؤهم على الاعتداء اللفظي والجسدي على معلميهم والذي وصل إلى حد القتل كما حدث في جيزان خلال العام الماضي، وهي الحالة التي تحدثت عنها في أحد المقالات في حينه، والتي لم يكن هناك مبرر أبداً لأي اعتداء على المعلم فما بالك بالقتل؟؟..
لا أريد أن أردد وأعيد ما نقوله دائماً عن احترامنا لمعلمنا ومكانته في الأيام الخالية، ولكن احترام المعلم وتقديره ينبغي أن يكون من المسلمات التي لا اختلاف فيها، وأن نربي أبناءنا على ذلك باعتباره قيمة من القيم العليا. والمعلمون هم أول من يجب عليه أن يغرس هذه القيمة في نفوس طلبتهم وطالباتهم بالقدوة الحسنة، وبناء أسمى علاقات التواصل والمحبة والتقدير والاحترام.. وهو ما أثق أن الأخت فوزية توافقني عليه.