• ×

09:29 مساءً , الخميس 19 جمادي الأول 1446 / 21 نوفمبر 2024

admin

البلديات.. نجاح الانتخابات وفشل المجالس عبداللطيف الضويحي

admin

 0  0  2641
زيادة حجم الخط مسح إنقاص حجم الخط

لدينا من الذاكرة ما يكفي لاستحضار تجارب النجاح واستنطاقها مثلما أن لدينا من الذاكرة ما يكفي لتناسي الفشل وتجاهله، نتذكر جيدا الدورتين الانتخابيتين للمجالس البلدية الوطنية (2005) و(2011) لكننا لا نذكر وربما لا نريد أن أن نتذكر فشل المجالس البلدية في تحقيق إنجازات تذكر خلال الدورتين السابقتين.
خيط رفيع يفصل بين النجاح والفشل في المجتمع المحلي. العارفون بثقافة المجتمع السعودي، يدركون أن ما بين الاتفاق والاختلاف، مفاتيح ثقافية بسيطة لا تتعلق بالموضوع في الغالب كفيلة بأن تفتح لك أبواب النجاح، وتجاهلها في المقابل كفيل باستشعار عوامل الفشل لكل محاولات التغيير.
يمكن أن ننظر للانتخابات البلدية من زاويتين اثنتين: ثقافة الانتخابات، وإنجازات المجالس البلدية. فالأولى تحقق بعض التقدم في الوعي العام من خلال استزراع ثقافة الانتخابات وثقافة جديدة نسبيا، وتؤسس لثقافة المواطنة بديلا أو بجانب علاقات تقليدية أخرى تؤطرها المواطنة بجانب العلاقات القبائلية أو المذهبية أو المناطقية، أو بدونها وهي لا تخلو من تلك الانتماءات وتأثيراتها، رغم أن الإقبال على الانتخابات لم تتضح صورته بشكل نهائي وما إذا كان مرتفعا أو منخفضا قياسا بالتجارب السابقة أو حتى بالمقارنة ما بين المناطق الإدارية للمملكة أو من حيث المتغيرات الاقتصادية والتعليمية والاجتماعية المختلفة.
من المؤكد أن هناك تغييرات قد طرأت على عقلية الناخبين والمرشحين بعد خوض التجربتين الانتخابيتين السابقتين، فمن المفترض أن هناك دراسات قد أجريت لتقييم تلك التجربتين من زوايا مختلفة بما فيها التأثير في الوعي العام للناخبين والمرشحين بجانب الأهداف المعلنة والإحساس بالمسؤولية بمعزل وبمنأى ربما عن الهدف الأساس المعلن للوزارة.
أما تجربة المجالس البلدية نفسها، فمحبطة ومثبطة بنطاق عام سواء بين من خاضوا تلك التجربة كمرشحين أو ناخبين، على صعيد الإنجازات التي حققتها والتي هي الغاية من العملية الانتخابية برمتها، ناهيك عن خيبة أمل بين أوساط مجتمعية كانت تعول على المجالس بأن تجعل من الناس شريكا فعليا في القرارات البلدية والتي بقيت حكرا على الجهاز البلدي دون مشاركة من المستفيدين المباشرين ردحا من الزمن.
هناك بوادر نأمل نلمسها في هذه الدروة الانتخابية، وأن تسهم بتفعيل المجالس البلدية وتخرجها إلى دائرة الفعل، منها على سبيل المثال رفع نسبة أعضاء المجلس البلدي المنتخبين إلى الثلثين بعد أن كانت تنحصر في النصف، كما تم رفع المستوى التعليمي إلى الثانوية كحد أدنى للعضو المنتخب بعد أن كان من يقرأ أو يكتب، فضلا عن إتاحة المجال للمرأة ناخبة ومرشحة لخوض هذه التجربة الانتخابية والحياة البلدية، كما تم خفض السن إلى 18 سنة بدلا عن 21 سنة كحد أدنى وهذا يجعلنا نتوقع أن يرتفع الإقبال هذه الدورة على الانتخابات، كما نأمل أن ينعكس نوعيا على أداء المجالس وليس كميا فحسب.
قد يكون الجهاز البلدي في أي مجتمع هو الأكثر ملامسة لحياة الناس، وهو ربما العالم الذي نتعامل معه منذ الخطوة الأولى التي نخطوها خارج المنزل وفي الشارع في السوق وفي المطعم وفي الحديقة وتصميم المباني وفي المراكز الترفيهية والمجمعات التجارية إلخ، وهذا ما يجعل المجلس البلدي يولد ربما في رحم وزارة الشؤون البلدية والقروية، ومرجعيته هي وزارة البلدية ومعالي وزير البلدية كما أن كل مجلس يكون رئيس البلدية من بين أعضائه وفي حالة الأمانات يكون هناك عضو كذلك، وهذا ربما يدعونا إلى التساؤل عما إذا كان المجلس يستطيع أن يعمل ويمارس صلاحياته المناطة به بسهولة واستقلالية وهو يعمل في كنف وزارة الشؤون البلدية والقروية، خاصة أن ميزانيته ومبناه من الوزارة ناهيك عن أن مرجعيته هي الوزارة فضلا عن دور الوزارة الواضح في تسيير الأمور، وهو الأمر الذي أثر سلبا في التجربتين السابقتين.
من ناحية أخرى، هناك خدمات تعليمية وصحية واجتماعية لا علاقة لها بوزارة الشؤون البلدية والقروية، وتهم الناس وتلامس حياتهم، فهل يتم استبعادها وغض الطرف عنها في المجلس البلدي لأنها ليست تابعة للجهاز البلدي؟.
كما أن سقف صلاحيات المجلس لاتزال منخفضة، فالمطلوب أن تكون من ضمن صلاحيات المجلس التفكير خارج الصندوق وليس تحت سقف معايير البلدية، والتي نعرف كما تعرف البلديات حجم التخبط الذي تعانيه وزارة البلدية في معاييرها، وعدم قدرتها على إيجاد أنظمة حديثة تنسجم المرحلة سواء على صعيد أنسنة المدن والمدن الصحية بيئيا والمدينة الصديقة للثقافة وللإنسان، ناهيك عن حجم وتنوع العمل الذي تقوم به وزارة الشؤون البلدية والذي تنوء بحمله الوزارات الأقل بيروقراطية والأقل ترهلا وربما فسادا.
من المعلوم أن المجلس البلدي هو جهاز رقابي، فكيف يقوم الجهاز الرقابي بدوره وعمله وهو الذي يعتمد في ميزانيته ومرجعيته من الوزارة التي هو يراقب أداءها ناهيك عن أن بعض أعضائه من ذات الوزارة التي يفترض أن المجلس يراقبها ويحاسبها؟.

التعليقات ( 0 )