فهد الخالدي
الوفاء والعرفان من الشيم الكريمة والصفات الفاضلة التي تتسم بها الشعوب والأمم الحية، كما أنها من طباع المؤمن وخصال الكرام، وعندما يكون هذا الوفاء والعرفان للأجيال الرائدة في تاريخ الوطن، يكون أفضل وأكمل، وقد خطر ببالي سؤال في هذا المجال: لماذا لا تكون سيرة هؤلاء أنموذجاً للبذل نقدمه للأجيال للسير على خطاهم والبناء على ما أنجزوه من جهة، ثم لتكون دافعاً على البذل للأجيال الحاضرة التي تدرك أن عطاء من يعطوا لأمتهم وأوطانهم في كل مجال من المجالات هو محل تقدير واحترام؟ وقد كان أول ما فكرت به هم الرواد في مجال التربية والتعليم في المنطقة الشرقية، وهم وإن كانوا قلة في ذلك الوقت، لكن كان دورهم رائداً ومثالياً وأنموذجاً للعطاء في سائر المجالات، ومن هؤلاء الشيخ عبدالعزيز التركي وعبدالله بو نهيه وعبدالمحسن المنقور وعبداللطيف العقيل وإبراهيم العبيد - يرحمهم الله جميعاً -، والدكتور سعيد أبو عالي وسعد الرحيل وفهد السكران ومحمد العبد الهادي - يحفظهم الله جميعاً - وألبسهم لباس الصحة والعافية.
وعندما بحثت عن توثيق لما قدمه هؤلاء الرواد فلم أجد إلا القليل الذي كتب عن بعضهم، فيما لم يكتب عن الآخرين أدنى ما يستحقون من الذكر والشكر، وقد مضى بعضهم عن هذه الدنيا الفانية، نسأله «سبحانه وتعالى» لهم الأجر والثواب، كما نسأله تعالى أن يمتع الأحياء بالصحة والعافية.
ومن القليل الذي وجدته مقابلة أجرتها مجلة الشرق (جريدة الشرق حالياً) مع الشيخ فوزان بن عبدالرحمن الحمين أحد هؤلاء الرواد، وهي بعنوان "مدرس أقدم من وزارة المعارف"، حيث إن عمله وصحبه الذين ذكرناهم في بداية المقال سبق تأسيس وزارة المعارف، حين كانت مديرية يرأسها الشيخ محمد المانع -يرحمه الله- قبل أن تصبح فيما بعد وزارة للمعارف، حيث تولاها لأول مرة خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز -يرحمه الله-، وتتضمن المقابلة الإشارة إلى زيارته -يرحمه الله- إلى المدرسة الأولى بمدينة الدمام، وزيارته للحمين في أحد صفوف المدرسة.
وقد واصل الحمين -أطال الله عمره- عطاءه في مجال التربية والتعليم متدرجاً في تحمل المسؤولية إلى أن تقاعد، ترك خلالها بصمات واضحة وكان ساعداً وعضداً لمديري التعليم الذين تعاقبوا على المنطقة، بدءاً من التركي مروراً بأبي نهيه -يرحمهم الله- وصولاً إلى عهد الدكتور سعيد عطية أبو عالي -أمدّ الله في عمره-، كما تتلمذ على يديه العديد من المسؤولين والموظفين في الإدارة الذين كانوا وما زالوا لهم قدرة في متابعة الأمور وحل المشكلات والتعامل الإنساني والبذل والعطاء وتحمل المسؤولية.
وإذا كان الحمين وصحبه ممن ذكرت قد استطاعوا أن يقدموا الكثير رغم الظروف التي لم تكن مهيأة لهم كما هي الآن، فإن الأمل معقود على قيادات التربية والتعليم في المنطقة من أبناء الوطن المخلصين لتقديم المزيد من العطاء إن شاء الله-، تحقيقاً لرؤية خادم الحرمين الشريفين وصولاً بالمملكة إلى مجتمع المعرفة 2020 م، وبما يلقونه من دعم كبير ومساندة من ولاة الأمر لا سيما وأن المنطقة قد حظيت -والحمد لله- بأمير شاب يملأ نفسه الإخلاص للوطن والحب للمواطنين والإرادة والحرص على تحقيق كل الطموحات التي نتطلع إليها جميعاً.