نظام المجالس البلدية يعزز صلاحياتها ومسؤولياتها
لا عذر للعزوف عن المشاركة
فهد الخالدي
انطلقت منذ أيام على قدم وساق الحملات الإعلامية للانتخابات البلدية في دورتها الثالثة، وهو ما يؤكد نجاح تجربة انتخاب أعضاء المجالس البلدية في المملكة، ويتزامن انطلاق الانتخابات هذا العام مع صدور نظام المجالس البلدية الجديد الذي يتضمن جملة من التعديلات على النظام السابق، إضافةً إلى ما تتضمنه من تحديث لهذا النظام تأتي بناء على التجربة السابقة.
وتؤكد ملامح هذا النظام الجديد الذي صدر في 4/10/1435هـ، وسيتم العمل به اعتباراً من الدورة الجديدة الثالثة للمجالس البلدية؛ أنه يهدف إلى تعزيز دور المجالس البلدية في عملية التنمية المحلية، ومن أبرز التعديلات: توسيع صلاحيات المجالس البلدية، وزيادة نسبة الأعداد المنتخبين من النصف إلى الثلثين، ومشاركة المرأة للمرة الأولى كناخبة ومرشحة.
ومن الملامح التي توضح التعديلات اللافتة في النظام ما تضمنته المادة الرابعة من الفصل الثاني من صلاحيات من بينها أن تتولى المجالس البلدية إقرار الخطط والبرامج ذات الصلة بتنفيذ المشاريع البلدية المعتمدة في الميزانية ومشاريع الصيانة والتشغيل، وكذلك المشاريع التطويرية والاستثمارية، إضافةً طبعاً إلى الخدمات البلدية ومشاريعها، هذا إلى جانب ما تضمنه النظام السابق من إقرار مشاريع ميزانيات البلديات وحسابها المالي التي تضمنتها المادتان الخامسة والسادسة أيضاً.
ومن الصلاحيات الجديدة التي أعطاها النظام للمجالس البلدية أيضاً، دراسة المخططات الهيكلية والتنظيمية والسكنية، ومشاريع نزع الملكية للمنفعة العامة، وشروط وضوابط البناء، ونظم استخدام الأراضي، والخدمات البلدية، والرسوم والغرامات البلدية، وإبداء الرأي بهذه المجالات قبل الرفع بها إلى الجهات المختصة بكل واحدة منها.
فإذا أضفنا إلى ذلك الصلاحيات التي يتضمنها النظام ومنها متابعة الشروط والمعايير في مجال المحافظة على صحة البيئة، وصلاحيات إنشاء البلديات الفرعية ومكاتب الخدمات وضم البلديات الفرعية وفصلها، وكذلك حق المجلس في ممارسة صلاحياته الرقابية على أداء البلديات والخدمات التي تقدمها للمواطنين من خلال متابعة التقارير الدورية التي تعدها البلدية عن سير المشاريع، وكذلك التقارير التي توضح الإيرادات والاستثمارات البلدية، وما يرد للمجلس من شكاوى المواطنين وملاحظاتهم حول الخدمات البلدية أو ما يلاحظه أعضاء المجلس أثناء الزيارات الميدانية التي يقومون بها ضمن النطاق الجغرافي لخدمة البلديات، وصلاحيات أخرى لا تقل أهمية منها: الحق في مراجعة إجراءات تقسيم الأراضي وإجراءات منح الأراضي السكنية؛ للتأكد من سلامة الإجراءات.
إن معرفة صلاحيات المجالس هو ما ينقص الكثيرين الذين لا يظنون أن المجالس البلدية تملك مثل هذه الصلاحيات، ويمكن أن يكون لها التأثير الذي يتناسب مع شمولها وأهميتها، وهو يدفع بعض المواطنين إلى العزوف عن المشاركة في الانتخابات البلدية بناءً على هذا الاعتقاد، ولعل من يهتم بمعرفة صلاحيات المجالس خاصة بعد صدور النظام الجديد وما تضمنه من تحديث وتعديلات سوف يدفعه للإقبال على المشاركة في الانتخابات انتخاباً وترشحاً، وهو ما تشهده انتخابات المجالس البلدية عاماً بعد عام، ويتضح ذلك من خلال زيادة عدد المراكز الانتخابية هذا العام من 752 مركزاً في الدورة السابقة إلى 1263 مركزاً موزعة في أنحاء المملكة لهذه الدورة، أي بزيادة قدرها 68% عن عددها في الدورة الماضية منها 424 مركزاً مخصصة للنساء، بحيث تتمكن المرأة المواطنة من ممارسة حقها في بيئة تتناسب مع خصوصيتها والضوابط الشرعية لهذه المشاركة.
ولا شك في أن التعديلات التي أجريت على نظام الانتخابات والاستعدادات التي تبذل لإجراء الانتخابات في أجواء من النزاهة والموضوعية تبعث على الثقة، ومن ذلك ما تضمنه النظام من ضوابط للترشيح حظرت على بعض الفئات الترشح للانتخابات، وهم موظفو وزارة الشئون البلدية والقروية والجهات التابعة لها، والقضاة وكتاب العدل، والمحافظون ورؤساء المراكز ومشايخ القبائل ونوابهم والعمد، وأعضاء هيئة التحقيق والإدعاء العام، وكذلك أعضاء مجلس الشورى وأمناء مجالس المناطق والمجالس المحلية، إضافةً إلى أعضاء اللجان الانتخابية. بعد استعراض ما سبق مما كفله النظام من صلاحيات لأعضاء المجالس البلدية تؤكد فعاليتها وما يمكن أن تقوم به من أدوار رقابية هامة وكذلك شروط الترشح والانتخاب، فإن كل موطن مخلص مطالب بممارسة حقه الانتخابي لإيصال من نثق بنزاهتهم وكفاءتهم وحرصهم من المرشحين إلى عضوية المجلس، لأن في ذلك إضافة إلى حفظ حقوق المواطنين والارتقاء بمستوى الخدمات؛ هدف كبير لا يقل أهمية عن كل هذه الإيجابيات وهو إنجاح هذه التجربة الانتخابية الواعدة والتي تأتي ضمن خطوات تطويرية يشهدها الوطن في كافة المجالات، والتي تعتبر مشاركة المواطن في إبداء الرأي واتخاذ القرار أهم ملامحها على الإطلاق، وبذلك فإن من يتخلون عن حقهم في الانتخاب يثيرون ألف تساؤل عن نواياهم عندما يوجهون النقد السلبي الذي لا يرقى إلى المشاركة الفعلية في إيجاد البديل الأفضل.. فلم يعد هناك مبرر للعزوف عن الانتخاب بل وعن الترشح أيضاً.