فهد الخالدي
التسابق إلى أعمال البر والخير ومن قبل القادرين والموسرين هو واحد من مظاهر التكافل بين المؤمنين الذي أمر به الدين الحنيف على مدى العصور، ومنذ أن نزل على محمد صلى الله عليه وسلم- هذا الكتاب الذي جعل المؤمنين إخوة يصدق فيهم قول نبيهم الكريم: «مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد الواحد؛ إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى»، وتتضاعف الجهود في شهر رمضان المبارك ويحمى وطيس السباق في أعمال البر والخير طلباً للأجر والثواب لأنه شهر تتضاعف فيه الحسنات وتحط فيه السيئات، وهو أمر لا يقتصر على مجتمع واحد من المجتمعات الإسلامية بل هو ظاهرة في كافة أقطارها، بل والمجتمعات الإسلامية المقيمة في البلدان غير الإسلامية في أوروبا وغيرها. غير أن الأمر في بلادنا والحمد لله- في حقيقته أعم وأشمل وأكثر حضوراً لأسباب كثيرة أولها ما أنعم الله به على هذه البلاد من خيرات زادت أعداد الموسرين والقادرين، واتخاذ هذه البلاد للدين الحنيف شريعةً ونظام حياة، وحرص ولاة الأمر أيدهم الله- على تطبيق شريعة الله وسنة نبيه، وضربهم المثل في أعمال البر والخير بذلاً ونصحاً وأمراً بهذه الأعمال، وتشجيع الأفراد والمؤسسات على ارتيادها حيث تنتشر الجمعيات والمؤسسات الخيرية في طول البلاد وعرضها حتى لا تكاد تخلو قرية أو مركز من جمعية متخصصة في أعمال البر والخير أو فرع من جمعية على الأقل، إضافةً إلى ما يبادر إليه الأفراد من هذه الأعمال، حيث إن عدد الجمعيات المسجلة في وزارة الشؤون الاجتماعية في مجال الخدمات الاجتماعية والخيرية يزيد على (700) جمعية عدا المؤسسات التي تأتي في طليعتها المؤسسات التي تبناها ولاة الأمر الأحياء أمدّ الله- في عمرهم وورثة المتوفين يرحمهم الله-.
وفي المنطقة الشرقية يصعب إحصاء هذه الجمعيات وعدها وهي جميعاً محل رعاية واهتمام من لدن صاحب السمو الملكي أمير المنطقة الشرقية يحفظه الله-، وما رعاية سموه خلال هذا الأسبوع لانعقاد أكثر من جمعية عمومية لجمعيات العمل الخيري ومنها جمعية البر بالمنطقة الشرقية التي يرأس سموه مجلس إدارتها الا تعبير عما يوليه لها من رعاية ودعم واهتمام، وكذلك جمعية الأيتام الخيرية (بناء) التي ترأس سموه أيضاً اجتماع عموميتها، إضافةً إلى العديد من الجمعيات التي تنعقد جمعياتها العمومية هذه الأيام لتتزامن مع حلول الشهر الفضيل، وهي جمعيات تمتد خدماتها لتشمل الفقراء والمحتاجين والمرضى والأيتام والأشخاص المعوقين علاوةً على وجود جمعيات خاصة بهذه الفئات مثل جمعية الأشخاص المعوقين بالمنطقة الشرقية وجمعية رعاية الأيتام والرحمة الطبية وأصدقاء المرضى ورعاية مرضى السرطان وغيرها.
ومما يُذكر فيُشكر دور رجال الأعمال البارز في تمويل برامج هذه الجمعيات وأنشطتها والمشاركة في مجالس إداراتها وإعطائها من أموالهم ووقتهم وجهودهم، بل إن ما أثلج صدري هو ما اطلعت عليه من جهود جمعية عنك للخدمات الاجتماعية في مدينتي (عنك) التي يقوم عليها عدد من الشباب المتطوعين المتحمسين لأعمال البر والخير وخدمة المجتمع والتي فاجأني ما يبذلونه من جهد بإمكانياتهم المتواضعة وذلك أثناء مشاركتي في إفطار صائم الذي نفذوه هذا العام، وهو كما عرفت واحد من البرامج والأنشطة والمشاريع التي يستمر تنفيذها طوال العام مما يؤكد أهمية تبني هذا العمل وتشجيعه ومدّه بأسباب النجاح ليس إنشاء لأعمال البر في المجتمع فقط بل تربية للأجيال على البذل والعطاء وتحمل المسؤولية، وتوجيهاً للشباب إلى أنشطة إيجابية لخدمة مجتمعهم ووطنهم، ونأياً بهم عن محاولات من يريد أن يحيد بهم -إن استطاع- إلى السلوكيات غير المرغوبة أياً كان نوعها مستغلاً ما يحس به الشباب من الملل وأوقات الفراغ بل كونهم على هامش نشاط المجتمع أحياناً وصولاً إلى الخواء الفكري الذي يجعل صاحبه يريد أن يكون نجماً في أي مجال.. لذلك كله دعونا نجعلهم نجوماً بل أقماراً في مجالات البر والخير والعطاء والانتماء. ولذلك فإنني أدعو إلى دعم هذه المبادرات وتنظيمها في أطر رسمية وقانونية ودعمها من قبل رجال الأعمال والجهات الرسمية أيضاً.