أمانة المسؤولية عند الذين يعرفونها حق معرفتها وخاصةً لمن أراد -الله سبحانه وتعالى- أن يكونوا في موقع القيادة ليست مسميات ولا مناصب بل عطاء متميز، لأنها تنبع من منطلقات فكرية ووعي بما يحدثه هذا العطاء من أثر في تحقيق الأهداف وتأدية الواجبات التي تترتب على من يتولى القيادة حتى وإن كان العمل يؤدى بروح الفريق وتتوزع فيه المسؤوليات، لأن القائد يعرف بفطرته وخبرته ووعيه أن المسؤولية تظل على عاتقه، وأن النتائج وتحقيق الأهداف يتطلب من القائد أن يكون دوره دوراً فعلياً وميدانياً، وأن موقعه يتطلب أن يزيد على ذلك الإحساس بمسؤولية القائد أيضاً، وبذلك فإن مسؤولياته هي التي تكون أكثر وأكبر وليست مسميات الموقع فقط. كان ذلك كله حاضراً في فكر صاحب السمو الملكي أمير المنطقة الشرقية وهو يترأس في الإمارة يوم الثلاثاء الماضي لجنة السلامة المرورية في المنطقة، كما كان واضحاً أيضاً وهو يستقبل قادة جمعية العمل التطوعي في المنطقة الشرقية ويرد على طلبهم بتولي سموه الرئاسة الشرفية للجمعية بأنه يريد أن يكون عضواً عاملاً في الجمعية وليس رئيساً شرفياً فقط.
إن حرص سموه الكريم أن يتولى رئاسة لجنة السلامة المرورية وقبلها جمعية البر بالمنطقة وغيرها من الجمعيات التي تقدم خدمات للمواطنين في ميادين تتعلق بسلامتهم وسلامة البيئة ورعاية الفئات المحتاجة للخدمات الاجتماعية والتي لا تحول مسؤوليات سموه العديدة بحكم تحمله المسؤولية في منطقة من أهم المناطق في المملكة سواء من حيث الاتساع الجغرافي أو الكثافة الديمغرافية والسكانية وتنوعها أو من ناحية المرافق والمؤسسات والمشاريع الاقتصادية الكبرى والموقع الجغرافي الذي تحده أكثر من ست دول مجاورة؛ ومن يلقي نظرة على سريعة على توصيات واحدة من هذه الجهات وهي لجنة السلامة المرورية يدرك سر اهتمام سموه بهذه اللجنة، كما يستنتج أن باقي الجمعيات والجهات التي يرعاها سموه لا تقل أهمية عن هذه اللجنة، كما أن أعمالها هي بالتأكيد تستحق ما يقتطعه لها سموه الكريم من وقته وجهده، حيث تضمنت التوصيات الدراسة الإستراتيجية لحركة الشاحنات على الطرق الرئيسية، وإطلاق خدمة الإسعاف الجوي بعد الانتهاء من تهيئة جميع المهابط للطائرات المخصصة لذلك في مستشفيات المنطقة من قبل الشئون الصحية.
أما اهتمام سموه ومتابعته الميدانية الدقيقة فتتجلى بما وجه به من ضرورة توفير أراض لإقامة مهاجع دائمة للإسعاف الجوي، ودعم وحدات السلامة المرورية في الأمانات وإدارة الطرق والنقل والتربية والتعليم بالكادر الفني الكافي والمؤهل وفق ما ورد في إستراتيجية السلامة المرورية ووفق الجدول الزمني المحدد في هذه الإستراتيجية، وتأكيد سموه على تحقيق الهدف الإستراتيجي للجنة وهو خفض أعداد الحوادث ومسبباتها وصولاً إلى تقليل عدد الوفيات والإصابات وهو ما تحقق فعلاً بعون الله- حيث أوضحت التقارير التي أعدتها اللجنة أن عدد الحوادث في النصف الأول من هذا العام قد انخفض عددها بما يقارب 20% عن عددها في نفس الفترة من العام الماضي وذلك من حوالي 2300 حادث إلى 1900 حادث تقريباً، كما انخفض عدد الوفيات التي تسببت بها هذه الحوادث حوالي 3.3% بينما انخفض عدد الإصابات الجسيمة بما نسبته 20% عن عدده في نفس الفترة من العام الماضي أيضاً، أما المخالفات المرورية المرصودة من قبل مرور المنطقة الشرقية خلال نفس الفترة من هذا العام فحوالي 3.5% عن نفس الفترة من العام الماضي، كما ارتفع عدد المخالفات التي تم رصدها على الطرق السريعة من قبل القوة الخاصة بأمن الطرق بنسبة 25% تقريباً.
أما المخالفات المرصودة من قبل الدوريات الأمنية فقد سجل انخفاضاً بنسبة 12% تقريباً. كل هذه النتائج وغيرها مما تضمنه التقرير ويؤكده واقع الحال لم يكن الوصول إليه ممكناً بعد توفيق الله وعونه لولا إخلاص العاملين في الجمعية وتصميمهم الذي زاد منه وحفزه وضاعفه إحساس كل منهم بواجبه ومسؤوليته، ولا شك أن ترؤس سموه للجمعية ومتابعته لأعمالها ومشاركته في اجتماعاتها له الأثر الكبير في نفوس العاملين وتزويدهم بالدافعية والتصميم وحسن الأداء لأن المقدمات هي التي تصنع النتائج في جميع الأحوال. وإذا كنا نتناول اليوم ميداناً محدداً وأنموذجاً واحداً تتضح فيه النتائج والآثار التي يحدثها فكر القيادة وفلسفتها القائمة على المشاركة الفعلية في الأداء والعطاء والمتابعة الدقيقة ومتابعة التفاصيل وتشجيع الأفكار المبدعة وتبنيها وتهيئة كل الفرص لنجاحها، وهي مدرسة أبدعت القيادة في تحديد معالمها يتبع فيها الخلف السلف، وهي التي أنجبت سعود بن نايف ليسير على خطى والده رحمه الله- الذي لا يجهل دوره الكبير في مسيرة المملكة الحضارية والأمنية إلا من عميت بصيرته وكف بصره. رحم الله من ضربوا لأبنائهم المثل في المسؤولية والإخلاص، وأعان من اقتدى بهم على درب الخير والسداد.