مرة أخرى تؤكد المملكة العربية السعودية أن هذا الوطن هو عنوان للأمن والسلام والحرص على حياة الإنسان وكرامته عملاً بأحكام الدين الإسلامي الحنيف؛ كما أكد خادم الحرمين الشريفين في كلمته في حفل تأسيس مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية الذي دشنه يحفظه الله- ووضع حجر الأساس لمقره الدائم في الرياض يوم الأربعاء الماضي. ولا شك أن هذا القول الصادر عن خادم الحرمين الشريفين يعبر بحق عن الوجه الإنساني للدور السعودي ليس على مستوى المنطقة فحسب بل على مستوى العالم بأسره، حيث إن مملكة الإنسانية بشهادة القريب والبعيد هي في طليعة دول العالم من حيث حجم المعونات الإنسانية التي تقدمها لشعوب العالم على اختلاف أوطانها وعقائدها وأنظمتها ليس لها من ذلك مصلحة ولا غاية إلاّ إغاثة الملهوف ومساعدة الاخوة في الإنسانية بما يأمر به الدين الحنيف من الرحمة والعون لكل ملهوف ومحتاج.
لقد دأبت المملكة منذ سنوات على المبادرة والمشاركة في أعمال الإغاثة في كافة البلدان التي تعرضت للحروب الأهلية والكوارث أياً كانت أسبابها وتسابقت الجهات والجمعيات الأهلية والهلال الأحمر السعودي وغيرها من الجهات في أعمال الخير ومد أيادي العون والمساعدة وما زالت تتسع وتزداد مما اقتضى أن يتم توحيدها في مرجعية واحدة، لما يؤدي ذلك إليه من تنظيم وتخطيط ونجاح في تحقيقه الأهداف التي يتطلع إليها الباذلون جهدهم وأموالهم في أبواب الخير أفراداً ومؤسسات، ولهذه الغاية يأتي تأسيس «مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية»، وبتبرع خادم الحرمين الشريفين بمليار ريال لهذا المركز إضافةً إلى مليار أخرى سبق تخصيصها لنفس الغرض، وإعطائه الشخصية الاعتبارية المستقلة التي تضمن للقائمين عليه حرية العمل بما يحقق أهداف القيادة الحكيمة بالتعاون مع المنظمات والهيئات الدولية العاملة في هذا المجال الإنساني النبيل، مما يضفي طابعاً إنسانياً صافياً على أعمال المركز بعيداً عن أية دوافع أخرى تقصد إليها كثير من الجهات التي تسعى لتحقيق أهداف سياسية ومصالح خاصة ومناطق نفوذ تحت شعار العمل الإنساني وبرامجه.
وإذا كان إنشاء المركز يتزامن مع المحنة التي يعيشها الشعب اليمني الشقيق بسبب الممارسات العدوانية ومحاولات الهيمنة التي تقوم بها إحدى الفئات المنتسبة لهذا الشعب الشقيق، والتي تعمل على مصادرة القرار اليمني واغتصاب السلطة وتزوير قرار هذا الشعب، فإن ذلك يؤكد صدق المساعي السعودية حتى وهي تبادر إلى تلبية نداء القيادة الشرعية من جهة ثم تخصص ما يربو على مليار ريال لتوفير المتطلبات المعيشية اليومية وأعمال الإغاثة للشعب الشقيق، وهو موقف ليس بجديد على المملكة التي يعرف كل فرد من أبناء الشعب الشقيق ما قدمته المملكة وما زالت من مساعدات وما أنجزته من مشاريع في البنى التعليمية في اليمن الشقيق في كل وقت، وما هم متأكدون منه وما يعلقونه من طموحات وآمال على الدور السعودي في إعمار اليمن وإصلاح ما تسببت به المليشيات وجماعة المخلوع من دمار في القريب العاجل حينما تنقشع هذه السحب التي ستنقشع عما قريب بإذن الله-.
وتأكيداً لهذه التوجهات يأتي ما أعلن عنه من تبرع خادم الحرمين الشريفين بمبلغ 274 مليون ريال لأعمال الإغاثة في اليمن الشقيق والعمل مع المؤسسات الدولية وكافة الجهود التي تبذلها الأمم المتحدة وهيئاتها لإيصال المساعدات إلى اليمن الشقيق، والتأكيد على أن المركز سيولي أقصى درجات الاهتمام والرعاية للاحتياجات الإنسانية والإغاثية للشعب اليمني الشقيق في إطار الجانب الإغاثي لعملية إعادة الأمل التي تقودها المملكة على كافة الصعد التي تحقق مصلحة الشعب اليمني وتعمل على استقراره واستقرار الإقليم، مما يؤكد مرة أخرى أن المملكة لا تدّخر سبيلاً إلاّ وتسلكه لخدمة الإنسانية بشكل عام والشعوب الشقيقة والصديقة كافة وفي مقدمتها الشعب اليمني الشقيق.
ولقد جاءت كلمة خادم الحرمين الشريفين في حفل تدشين المركز ضافية وافية حيث أكدت على البعد الإنساني لهذا المركز وعمله بالتنسيق والتعاون مع المؤسسات والهيئات الإغاثية الدولية المعتمدة وإعطائه الأولوية لاحتياجات اليمن الشقيق، وذلك بلا شك هو الرد الحاسم والحجة الدامغة على أبواق الفوضى والتمرد والفساد. وستبقى المملكة على الدوام يداً تمتد بالخير والسلام للإخوة في اليمن الشقيق في السلم والحرب ومملكة الإنسانية في جميع الأحوال بإذن الله-.