ملتقى الكتاب الثاني الذي أقامه نادي المنطقة الشرقية الأدبي، مؤخرا، بمناسبة افتتاح الموسم الثقافي، برعاية كريمة من سمو أمير المنطقة الشرقية، وبمشاركة ما يقارب 50 كاتبا وكاتبة من كتّاب الرأي السعوديين، والذين تمحور نقاشهم حول قضيتين من القضايا الهامة، حيث تناولت الجلسة الأولى «الكاتب والأحداث الوطنية الكبرى»، بينما ناقشت الجلسة الثانية موضوع «الكاتب والأحداث الثقافية». ولا شك أن هذا النهج الذي ينهجه نادي المنطقة الشرقية الأدبي، بإشراك الكتّاب، والتواصل معهم، باعتبارهم طليعة صناع الرأي في المجتمع، يستحق الثناء والإعجاب، خاصة عندما تمر الأوطان بمثل ما تمر به بلادنا هذه الأيام، سواء من حيث الأطماع الخارجية من بعض الأطراف التي تحاول الهيمنة على المنطقة وتوظيف بعض الفئات المحلية لهذا الغرض، مستغلة بذلك التنوع المذهبي والعرقي وبعض ضعاف النفوس أيضا الذين تستطيع أن تستخدمهم أدوات لطعن أوطانهم وإثارة القلاقل والنزاعات؛ مما يجعل دور الكتّاب والصحفيين على وجه الخصوص أكثر أهمية، بل ويصل إلى درجة التحدي الذي يواجههم لإثبات ولائهم وانتمائهم وصدق وطنيتهم، وهذا ما تحدث عنه الإخوة جميعهم خلال مداخلاتهم في الملتقى، حيث أجمعوا أن أهم التحديات الكبرى على المستوى الداخلي هي الوحدة الوطنية التي هي أكبر التحديات، وكذلك تعميق الولاء والانتماء هو تحد يتطلب العمل من أجله، والتنمية الشاملة والتنمية الاقتصادية وفي مقدمتها تنويع مصادر الدخل؛ لعدم الاعتماد على النفط كمصدر وحيد هو أحد التحديات أيضا.
إضافة إلى التحدي العلمي في تنويع التعليم ومنافسة الدول التي سبقتنا، وكذلك مواءمة مخرجاته لحاجات خطط التنمية وحاجات سوق العمل أيضا يظل تحديا قائما.
وإذا كانت تلك هي الخطوط الرئيسية للتحديات الداخلية، فإن التحدي الخارجي المتمثل في أطماع بعض الدول الكبرى والعدو الصهيوني وبعض دول المنطقة، وفي مقدمتها إيران، التي أسفرت عن أطماعها وجاهر قادتها وتشدقوا بسيطرتهم على أربع عواصم عربية، إضافة إلى تحدي الإرهاب المتمثل في «داعش» ونواياها وكيدها لبلادنا.. كل ذلك تحديات تستحق أن نقف عندها، ونتعامل معها بكل جدية ووطنية.
وإذا كان على جميع المواطنين بمختلف فئاتهم مواجهة كل تلك التحديات، فإن الكتّاب من واجبهم أن يكونوا في مقدمة الصفوف؛ للتصدي لهذه التحديات ومواجهتها، بدءا بدورهم في فضح المؤامرات والمخططات الأجنبية، وتقوية روح الانتماء ووشائج الوحدة الوطنية بين المواطنين بكافة فئاتهم ومناطقهم بغض النظر عن التنوع العرقي والمذهبي والمناطقي وسواها، وكذلك حماية المواطنين وخاصة الشباب منهم وتحصينهم معرفيا من عدوى الإرهاب والمذهبية والطائفية والولاء لجهات أجنبية على حساب الولاء لولاة الأمر والانتماء الوطني الأصيل، وتعظيم مكتسبات الوطن ومنجزاته، وتوليد الدافعية لدى المواطنين لتولي دورهم في التنمية باعتبار مخرجاتها مكسبا لكل الوطن.
وإذا كان ما تم تناوله في السطور السابقة يتعلق بالمحور الأول من الملتقى، فإن أول قضية في المحور الثاني هي حماية الثقافة الإسلامية والمحافظة على ثوابتها دون انغلاق، ومع انفتاح واعي على الثقافات الأجنبية، بما يحفظ خصوصيتنا الثقافية، ويحد من محاولات الهيمنة الفكرية والتبعية الثقافية.
لقد أحسن النادي الأدبي بالمنطقة الشرقية ومجلس إدارته في عقد هذا الملتقى، كما أحسن اختيار الموضوعات وتحديد الوقت الملائم، حيث إن القضايا المطروحة هي من الأهمية بمكان، خاصة وأن الوطن يواجه هذه الأيام وبكل قوة واقتدار -والحمد لله- كل محاولات النيل من قوة المملكة وأمنها بل وأمن الدول العربية الشقيقة ومصالح شعوبها. وقد أثبتت قيادة المملكة قدرتها على القيام بدورها ومسؤولياتها تجاه الوطن وتجاه الشعوب الشقيقة وهي تدير المواجهة العسكرية والسياسية والاقتصادية أيضا بكفاءة تبعث على الإعجاب، وتبشر بالنصر القريب -بإذن الله-. والمطلوب الآن بعد انتهاء أعمال هذا الملتقى أن تتم متابعة توصياته التي يتضح لكل من يطلع عليها ما يمكن أن يترتب على الأخذ بها من تعزيز دور الكتّاب، وحشد طاقاتهم لخدمة قضايا الوطن وتحقيق أمنياته وطموحاته ورفعته -إن شاء الله-.